
في لحظة كاشفة لحقيقة النظام الدولي، وفي مشهد تجاوز حدود الخزي السياسي إلى جريمة أخلاقية مكتملة الأركان، وقفت الولايات المتحدة الأمريكية وحيدةً – لا كقائدة للعالم الحر، بل كخصمٍ للعدالة والرحمة – لتعطّل، وبدم بارد، قراراً صادراً بإجماع 14 دولة من أصل 15 في مجلس الأمن الدولي، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وفتح ممرات إنسانية عاجلة لأكثر من مليوني إنسان يئنّون تحت القصف والجوع والحصار.
إنه الفيتو الخامس خلال شهور المجازر … خامس مرة ترفع فيها واشنطن يدها لا لإنقاذ الأرواح، بل لحماية آلة الحرب الإسرائيلية وهي تفتك بالأطفال وتدفن العائلات تحت الركام.
في مواجهة هذا المشهد العالمي الذي توحّد فيه الشرق والغرب، الشمال والجنوب، لم يكن لأمريكا أن تقف على الحياد، بل اختارت أن تكون، مرة أخرى، في صفّ القاتل لا القتيل، في خندق الاحتلال لا الضحية، في موقع العار لا الإنسانية.
فهل بقي للعالم ثقة في عدالة دولية تُختطف بقرار منفرد؟ وهل ما زال من حق أمريكا أن تُلقي علينا محاضرات في “ حقوق الإنسان ” وهي تمزّق – أمام أنظار الجميع – كل ما تبقّى من قيم ومواثيق.
في مشهد نادر من التوافق الدولي، صوّت أعضاء مجلس الأمن الـ15 لصالح قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، بأغلبية تكاد تلامس الإجماع الأخلاقي
أربعة من الأعضاء الدائمين – الصين، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا – انضموا إلى عشرة أعضاء منتخبين يمثلون صوت العالم الحقيقي، من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا.