انهارت في لحظة واحدة منظومة كاملة من الأكاذيب امتدت لعقود، حين كشف تحرير الجنوب اليمني زيف ست نخب مختلفة اعتاشت طويلاً على الخطاب دون فعل والشعارات دون تضحيات.
ووفقاً للدكتور صالح يحيى صالح دقش، فإن سقوط الاحتلال العسكري أسقط معه مرايا الوهم التي احتمت بها نخب سياسية ودينية وثقافية واجتماعية واقتصادية وإعلامية، كانت تمارس الوصاية بلا ثمن والشرعية بلا وطن.
قد يعجبك أيضا :
ويؤكد الكاتب أن هذه النخب تحولت لتشهير بالتحرير ذاته عندما عجزت عن مواجهة الحقيقة، حيث تحوّل الانتصار في خطابهم إلى جريمة، والسيادة إلى تهمة، والدفاع عن الأرض إلى تمرد على شرعية لم تنتج سوى الفشل.
- النخبة السياسية: تعيش على البيانات وتتغذى من المؤتمرات، تعرف الشرعية حين تكون مظلة للفشل
- النخبة الدينية: بفتاوى موسمية تجرد النص من العدل، صمتت عن الظلم ثم استيقظت لتحرم مقاومته
- النخبة الثقافية: احتمت بالمصطلح وهربت للتنظير، تبرر القمع بلغة ناعمة وتجمل الخراب ببلاغة ملساء
- النخبة الاجتماعية: حراس السكون وسماسرة الصلح المشروط، قدست الاستقرار لحماية امتيازاتها
- النخبة الاقتصادية: حولت الدولة لشركة والوظيفة لصفقة، راكمت ثروتها من الفوضى
- النخبة الإعلامية: تبدل السرديات حسب المموّل وتنتج الرأي كالإعلانات
وفي مواجهة هذا السقوط الجماعي، يشدد دقش على أن الجنوب يقف على حقيقة لا تقبل الجدل: شرعيته ليست بياناً بل دماً، ليست شعاراً بل تضحيات، مؤكداً أن أبناءه لم يحملوا السلاح عشقاً للحرب بل دفاعاً عن الوجود.
قد يعجبك أيضا :
ويخلص الكاتب إلى ثلاث حقائق قاطعة حول هذا الانكشاف التاريخي: من لم يدفع ثمناً لا يملك حق الاتهام، ومن عاش على القهر لا يحق له وعظ الضحية، ومن سقط أخلاقياً لا يحاكم من انتصر وطنياً.
وبحسب التحليل، فإن التحرير لم يكن حدثاً عسكرياً فقط، بل زلزالاً أخلاقياً أسقط هيبة زائفة وفضح شعارات وكشف نخباً اعتاشت طويلاً على الوهم، في حين أن الجنوب اليوم بات حقيقة قائمة لا رأياً عابراً، وشرعيته تُكتب بدمائه لا ببيانات غيره.

