صراحة نيوز- بقلم: جهاد مساعده
فإنّي أرى شرًّا قد أطلّ برأسه، وشِباكًا نُسجت في الظلام، وقومًا ظنّوا أن الصبر ضعف، وأن الحِلم غفلة، وأن الأردن أرضٌ تُجَسّ فيها النيات. فخاب الظن، وسقط الحساب.
ألا إنّ القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي إذا تحرّكت، لم تتحرّك عبثًا، وإذا ضربت، لم تُخطئ موضع الضربة. فهي مؤسسة دولةٍ تعرف أن الأمن مقصد، وأن الحزم وسيلة، وأن درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح.
لا تُقيم وزنًا لصراخ المجرمين، ولا حسابًا لدموعٍ كاذبة؛ لأنها تُدرك أن من يهرّب السمّ لا يعتدي على حدٍّ فحسب، بل يهدم مقاصد الشريعة في صميمها.
إنّ تجّار المخدرات ما جاؤوا ليرتزقوا، بل جاؤوا ليُفسدوا.
ما دخلوا أرضًا إلا أفسدوا شبابها،
ولا عبروا حدًّا إلا تركوا خلفهم خرابًا.
يحملون الموت في أكياسٍ صغيرة، ويبيعون الضياع بالتقسيط، ثم يتوارون كالفئران الجرباء.
غير أنّ الخطر الأعظم حين تتلاقى الجريمة المنظمة مع الانحراف الديني؛ فمن خوارج العصر من جمع بين سوء الفهم وسوء الفعل،
فاتّجر بالمخدرات، وتلبّس بلباس الدين،
ورفع خطاب الوعظ ليُمرّر الفساد.
وهذا عين ما حذّر منه فقه المقاصد: أن تُستعمل النصوص في غير مواضعها، وأن يُقطَع الدين عن غاياته، فتُستباح العقول باسم شعاراتٍ مجتزأة.
إنّ مقاصد الشريعة—كما قرّرها الأئمة—قامت على حفظ الدين والنفس والعقل والمال؛ فمن روّج المخدرات فقد اعتدى على العقل، ومن موّلها أو هرّبها فقد اعتدى على النفس والمال، ومن تذرّع بالدين لتبريرها فقد اعتدى على الدين ذاته.
وهنا تجتمع المفاسد، ويغلظ الحكم، ويكون المنع والحسم هو عين العدل، لا نقيضه.
وقد قال الأردن كلمته، ثم أنذر، ثم صبر…
فلما ظنّ المرتزقة—تجّار المخدرات ومن تشبّه بالخوارج في منهجهم—أن صبر الدولة طال، جاء وقت الفصل.
فدُكّت الأوكار،
وقُطعت المسالك،
وحُيّد المجرمون،
لا ظلمًا، بل درءًا لمفسدةٍ عامة،
ولا بطشًا، بل حفظًا لمقاصدٍ كبرى.
“اقتلوهم حيث ثقفتموهم”
ليست شهوة دم، بل توصيفٌ لحسمٍ وقائيٍّ يُنهي الجريمة في منبعها، ويفصل بين الدين والفساد، ويمنع أن يتحوّل الوعظ إلى غطاءٍ للسمّ.
إياكم أن تخلطوا بين الحزم والظلم؛
فالظلم ترك المجرم يعبر حتى تتكاثر الضحايا، والعدل أن يُمنع قبل أن يستفحل البلاء.
واللهِ ما قامت الدول إلا إذا وازنت بين الحِلم والحزم، وقدّمت المقاصد، وأنهت الجدل بالفعل.
فليعلم من في قلبه ريبة:
أن الأردن ليس ممرًا،
ولا ساحة اختبار.
هو وطنٌ إذا قال فعل،
وإذا فعل حسم،
وإذا حسم… حُفِظت المقاصد، واستقرّ الأمن، وانتهى الأمر.

