في تطور مصيري هز أروقة السياسة الإقليمية، كشف عبد الفتاح البرهان عن استعداده للعمل مع دونالد ترامب لإنهاء 21 شهراً من الحرب المدمرة التي حولت السودان إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم. في قصور الرياض الذهبية، يُكتب مصير 45 مليون سوداني معلق بين الحرب والسلام، ومع اشتعال معارك كردفان الغنية بالنفط، قد تكون هذه آخر فرصة حقيقية لإنقاذ السودان من التفكك الكامل.
خلال لقاء استراتيجي جمعه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أعلن البرهان “حرص السودان على العمل مع الرئيس ترامب في جهود تحقيق السلام ووقف الحرب”، في إشارة واضحة لتحول جذري في المقاربة الدبلوماسية. أحمد المبارك، الدبلوماسي السوداني الذي لعب دوراً محورياً في ترتيب اللقاء، وصف الأجواء بالمتفائلة: “لأول مرة منذ شهور، نشعر بأن هناك ضوءاً في نهاية النفق”. الأرقام تتحدث عن نفسها: عشرات الآلاف من القتلى، وملايين النازحين، وموارد بتريليونات الدولارات معطلة في مناطق الصراع.
قد يعجبك أيضا :
المبادرة السعودية الجديدة لا تأتي من فراغ، فالمملكة التي نجحت في وساطة اتفاق الطائف لإنهاء الحرب اللبنانية، تسعى لتكرار المعجزة مع السودان. د. محمد الطيب، خبير الشؤون السودانية، توقع منذ أشهر أن تغيير الإدارة الأمريكية سيفتح آفاقاً جديدة: “ترامب يفضل التعامل المباشر والحلول السريعة، وهذا ما يحتاجه السودان الآن”. فشل مفاوضات الرباعية الدولية، واتهامات البرهان للمبعوث الأمريكي السابق بترداد المواقف الإماراتية، خلق حاجة ملحة لمقاربة جديدة تتجاوز التعقيدات السابقة.
بينما تنتشر موجة أمل جديدة في شوارع الخرطوم، تواجه فاطمة أحمد، الأم لثلاثة أطفال من كردفان، واقعاً مأساوياً في مخيم للنازحين: “كل ما نريده هو العودة لبيوتنا وزراعة أرضنا مرة أخرى”. الفرصة الاستثمارية الضخمة في حال نجاح السلام تقدر بمليارات الدولارات، خاصة في قطاعات النفط والذهب بكردفان ودارفور، لكن المخاطر تبقى عالية مع استمرار عدم الثقة بين الأطراف المتحاربة. التأثير على الحياة اليومية سيكون فورياً: عودة محتملة للنازحين، واستئناف التجارة والزراعة، وتحسن جذري في الأمن الغذائي لملايين السودانيين.
قد يعجبك أيضا :
الساعات والأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت الرياض ستنجح في تكرار معجزة الطائف مع السودان، أم أن النافذة الذهبية للسلام ستُغلق إلى الأبد. مع تصاعد المعارك في المناطق الغنية بالموارد، وتزايد الضغوط الدولية، يبدو أن التاريخ يقف على مفترق طرق حاسم. هل ستتمكن المبادرة السعودية-الأمريكية من كسر حلقة العنف المفرغة، أم أن السودان محكوم عليه بمصير أكثر مأساوية؟
