في تطور صاعق يكشف عن مأساة اقتصادية حقيقية، شهدت أسواق الذهب في اليمن فارقاً جنونياً بنسبة 305% بين أسعار عدن وصنعاء، حيث يكلف جرام الذهب عيار 21 الذي تشتريه بـ65,500 ريال في صنعاء مبلغاً خيالياً قدره 200,000 ريال في عدن! هذا الانقسام المدمر في السوق اليمني يضع المواطنين أمام معادلة مستحيلة: إما خسارة مدخراتهم أو البحث عن ملاذ آمن في المعدن الأصفر.
تكشف الأرقام الرسمية لليوم الأحد 21 ديسمبر عن كارثة اقتصادية حقيقية، حيث يبلغ فارق السعر 134,500 ريال في الجرام الواحد – مبلغ يتجاوز راتب موظف حكومي لشهرين كاملين. أحمد الصائغ من عدن يروي مأساة يومية: “أشاهد عائلات تبيع ذهبها بأسعار منخفضة في صنعاء لتوفير لقمة العيش، بينما نفس الكمية هنا في عدن تحتاج ثروة صغيرة.” الوضع وصل لدرجة أن جنيه الذهب الواحد يحمل فارقاً قدره 159,000 ريال بين المدينتين.
قد يعجبك أيضا :
منذ بداية الحرب في 2015، شهد اليمن انقساماً نقدياً حاداً أدى لظهور سوقين منفصلين تماماً للذهب، مشهد مشابه لما حدث في ألمانيا المقسمة عندما كانت هناك عملتان مختلفتان. السياسات النقدية المتضاربة وانهيار النظام المصرفي الموحد خلقا واقعاً اقتصادياً مريراً. د. علي الحكيمي، الخبير الاقتصادي، يحذر قائلاً: “نحن أمام تحول خطير قد يجعل اليمن دولتين اقتصادياً قبل أن يحدث ذلك سياسياً، والذهب أصبح مقياس هذا الانقسام.”
أم محمد من صنعاء تجسد معاناة آلاف العائلات اليمنية: “بعت خاتم زواجي بـ490,000 ريال لأدفع فاتورة علاج ابني، لو كنت في عدن لما احتجت لبيعه أصلاً.” هذا التحول المأساوي جعل الذهب ينتقل من مجرد زينة أو رفاهية إلى ضرورة اقتصادية للبقاء. المستثمرون الصغار باتوا محاصرين بين مطرقة ارتفاع الأسعار وسندان تدهور العملة المحلية، بينما يحذر الخبراء من مخاطر استثمارية جديدة قد تظهر مع تفاقم الانقسام.
قد يعجبك أيضا :
305% فارق، عملة واحدة، دولة منقسمة، وشعب يبحث عن الأمان في المعدن الأصفر – هذه هي خارطة اليمن الاقتصادية الجديدة. مع استمرار هذا الانقسام الكارثي، يبقى السؤال الأهم: متى ستتوحد أسواق الذهب في اليمن؟ أم أن البلاد ستبقى أسيرة واقع “دولتين في دولة واحدة” حتى إشعار آخر؟
