
أُلقيت لقاءات مهمة خلال فعالية توزيع جوائز الدورة الثالثة لجائزة الملك عبد العزيز للبحوث العلمية في قضايا الطفولة والتنمية، والتي شهدتها المهندسة مرجريت صاروفيم نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي نيابة عن الدكتورة مايا مرسي. جاءت هذه الفعالية تلبية لدعوة من المجلس العربي للطفولة والتنمية، تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، رئيس chương الخليج العربي للتنمية “أجفند”، وشارك فيها عدد من الكوادر المتخصصة في مجالات التعليم والحماية الاجتماعية.
تم التركيز على موضوع “التعليم في عالم ما بعد كورونا” كأهمية قصوى، إذ تُعتبر هذه المبادرة محاولة لربط الأدوات العلمية بالضرورة الإنسانية لتحسين مسيرة الطفولة والتنمية. يقول الأمين العام للمجلس، الدكتور حسن البيلاوي، إن هذه الفعالية تُعد فرصة لاكتشاف أحدث الدراسات التي تمس حاضر ومستقبل الأطفال، وتسعى إلى بناء منظومة تعليمية أكثر شمولية وتكيفًا مع التحديات الجديدة.
التحديات التي فرضتها الجائحة: تغيير في الأولويات والرؤية
أشارت نائبة الوزيرة إلى أن جائحة كورونا فرضت على المجتمعات واقعًا جديدًا، دفعت إلى إعادة النظر في الحلول التقليدية، وأصبحت المرونة والابتكار من الشروط الضرورية للبقاء والتقدم. فقد أظهرت الأزمة ضعف البنية التحتية في بعض القطاعات، مثل التعليم، وحثت على تطوير منهجيات جديدة تشمل التكنولوجيا والتحول الرقمي.
من هنا، تجدر الإشارة إلى أن 90% من طلاب العالم توقفوا عن الذهاب إلى المدارس، وهو ما أثر بشكل كبير على جهود التحفيز التعليمي. وتعتبر هذه المبادرة محاولة لتحويل التحديات إلى فرصة للتطوير، حيث تهدف إلى بناء منظومة تعليمية قادرة على التكيف مع التغيرات الطارئة، مع ضمان توازن بين التكنولوجيا والرعاية الإنسانية.
المبادرات المصرية المبتكرة: التحول الرقمي ودعم الفئات الأولى بالرعاية
أكدت نائبة الوزيرة على جهود وزارة التضامن الاجتماعي في الاعتماد على التكنولوجيا كأداة استراتيجية لضمان العدالة الاجتماعية. حيث تم تطوير قواعد بيانات دقيقية، و إطلاق منصات إلكترونية لخدمة المواطنين، إلى جانب إدماج التكنولوجيا في برامج الدعم والحماية.
كما أشارت إلى مبادرة “قدوة- تك” التي تهدف إلى تمكين المرأة المصرية من خلال تدريب فتيات وسيدات على استخدام أدوات التكنولوجيا، مما يسهم في تعزيز قدراتهن الرقمية ورفع وعيهن بالمسائل الاقتصادية. من خلال هذه المبادرة، تم تدريب 500 معلم على كيفية استخدام المنصات التعليمية الرقمية، وتم تنفيذ 22 ورشة عمل في مختلف المحافظات.
التمكين الاقتصادي: منصة متكاملة للمجتمعات المهمشة
من بين المبادرات المهمة التي تم تطويرها، نجد برنامج “التمكين الاقتصادي” الذي يهدف إلى دعم الفئات الأولى بالرعاية، خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية. هذا البرنامج يعتمد على منصات رقمية متطورة، وتقديم قروض مالية وعينية، وتطبيق تحويشة لضمان الشمولية والعدالة.
كما تضمن التحول الرقمي بيئة مالية داعمة، مع بنية تحتية مؤمنة، واستخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة البيانات وتحليلها. هذه الجهود تنبع من رؤية متكاملة نحو تعزيز الشمول المالي وتقديم حلول مستدامة تُخدم المجتمع بشكل فعّال.
الطفولة المبكرة: الاستثمار في البشر وتحقيق التنمية الشاملة
أبرزت نائبة الوزيرة أن برنامج الطفولة المبكرة، الذي يشمل الأطفال من يوم إلى 4 سنوات، يمثل أولوية قصوى للوزارة. فهذا البرنامج يهدف إلى الاستثمار في البشر، وتطوير مهارات القائمين على القطاع، ودعم المرأة لدخول سوق العمل بثقة.
وأشارت إلى أن الوزارة بصدد إجراء مسح شامل للحضانات على مستوى الجمهورية، لضمان تطوير منظومة تعليمية متكاملة. هذا المسح يهدف إلى تحسين جودة الرعاية المبكرة، وربطها بالبرامج الاقتصادية، مما يُثري تجربة الطفل ويُعزز قدراته على مواجهة المستقبل.
التحديات العالمية: التكيف مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية
من جانبه، أعرب الأمير عبد العزيز عن سعادته بالمشاركة في هذه الفعالية، مؤكدًا أن الجائحة ألقت بظلالها على كل الفئات، خاصة الأطفال، ما استدعى توقف أكثر من 1.5 مليار طالب في 165 دولة.
هذا الواقع أكد ضرورة تطوير منظومة تعليمية شاملة، تشمل التعلم الرقمي، وتحديث المناهج، وتطوير مهارات المعلمين. كما دعا إلى مواصلة دراسة تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على الأطفال، مع الانتباه إلى الآثار النفسية والاجتماعية المحتملة.
الأبحاث العلمية: رؤى إيجابية وابتكار مستقبلي
أشارت الجائزة إلى أن الدورة الثالثة شهدت تقديم 57 بحثًا من 12 دولة عربية، وفاز 4 أبحاث من قبل 8 باحثين. هذه الأبحاث عكست وعيًا علميًا عاليًا، وطرحًا موضوعيًا بنّاءً، ما يدل على أهمية هذه المسألة في بناء مستقبل تعليمي أكثر عدالة وشمولاً.
وأكد الأمير أن هذه الأبحاث تُظهر ضرورة تمكين الأطفال بمهارات القرن الحادي والعشرين، لا سيما المعرفية والرقمية، لضمان تهيئتهم لمستقبل سريع التحول. كما اقترح أن الأسرة والمجتمع يجب أن يلعبا دورًا محوريًا في دعم العملية التعليمية، خاصة خلال الأزمات.
الدعوة إلى المبادرات العصرية: قيادة مستقبل التعليم
في ختام كلمته، أكد الأمير على أهمية المبادرات المبتكرة التي تُساهم في تطوير التعليم، وحث الباحثين الشباب على مواصلة تحدياتهم، لأنهم يمثلون الأمل للمجتمعات.
كما أشار إلى أن المعلمين وأولياء الأمور هما الحاضنة الأولى للطفل، ودورهم جوهري في تطوير منظومة التعليم. وشدد على أن شراكة فاعلة بين القطاعات المختلفة ستظل حاسمة في تحقيق الأهداف التنموية.
التكنولوجيا كأداة للحماية الاجتماعية: تحول استراتيجي
يُعتبر التحول الرقمي في قطاعات الحماية الاجتماعية وسيلة فعّالة لتحسين الأداء وتحقيق الشمولية. من خلال منصات إلكترونية، وقواعد بيانات دقيقة، وتقنيات متطورة، أصبحت الوزارة قادرة على استهداف الفئات الأولى بالرعاية بشكل عادل.
وتشير هذه الجهود إلى أن التكنولوجيا ليست مجرد أداة حديثة، بل هي ركيزة أساسية في تحقيق التنمية المستدامة، وبناء أنظمة حماية اجتماعية ذكية ومترابطة، ما يُسهم في تمكين الأفراد وتحقيق العدالة الاجتماعية.
أهمية التكامل بين التعليم والحماية الاجتماعية
تُعد مبادرة “تكافل وكرامة” من أبرز المبادرات التي تُظهر تكامل بين التعليم والحماية الاجتماعية. من خلال هذه المبادرة، تقدم الوزارة دعمًا نقديًا للأسر المحتاجة، وتُعزز من فرص التعليم والتنمية.
كما تُظهر هذه المبادرة التزام الوزارة بتحقيق رؤية الدولة نحو عدالة اجتماعية رقمية، حيث تُستخدم التكنولوجيا لدمج الفئات المهمشة وتحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية.
رؤية مستقبلية: تعزيز القدرات البشرية
يُعد الاستثمار في الطفولة المبكرة أساسًا لبناء مجتمع قوي ومستدام. من خلال برامج تدريبية للعاملين في هذا المجال، وتوسيع منظومة الحضانات، تسعى الوزارة إلى تعزيز القدرات المهنية والبشرية.
هذا يُساهم في دعم المرأة وتمكينها من الانخراط في سوق العمل، مما يُسعد المجتمع والاقتصاد على حد سواء.
الإصلاحات التعليمية: مستقبل أكثر شمولية
تُعد منظومة التعليم في عالم ما بعد كورونا تحديًا كبيرًا، لكنها أيضًا فرصة للاستثمار في التعلم الرقمي. من خلال تحسين البنية التحتية، وتحديث المناهج، وتطوير مهارات المعلمين، يمكن تحقيق منظومة تعليمية أكثر فعالية.
هذا يتطلب شراكة بين الأسرة والمجتمع، ودورًا فاعلًا في دعم الأطفال، خاصة خلال الأزمات، مما يُظهر أهمية هذا التحول في بناء مستقبل أفضل.
المبادرات الرقمية: تطوير الأداء وتحقيق الشمولية
تُظهر جهود الوزارة أن التحول الرقمي ليس مجرد تطوير، بل هو أداة لتحقيق الشمولية في مختلف القطاعات. من خلال منصات مثل “تمكين”، يمكن تحسين الخدمات والوصول إلى الفئات المستحقة.
كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات يُسهم في اتخاذ قرارات مدروسة، مما يُعزز من فعالية البرامج والمبادرات.
المبادرات العالمية: تجربة مصر كنموذج
تُعتبر تجربة مصر في مجال الطفولة والتنمية نموذجًا متميزًا، حيث تُظهر جهود الوزارة تكاملًا بين التكنولوجيا والسياسات الاجتماعية. هذه المبادرة تُعد تجربة تُساهم في تطوير منظومة تعليمية أكثر استدامة، ودعم الفئات الأولى بالرعاية بشكل فعّال.
ومن خلال هذه الجهود، تُظهر مصر قدرتها على التكيف مع التحديات العالمية، وتقديم حلول مبتكرة تُناسب المتغيرات السريعة في العصر الرقمي.
التحديات المستقبلية: الاعتماد على التكنولوجيا
يُعد الاعتماد على التكنولوجيا في التعليم والحماية الاجتماعية ركيزة أساسية لمواكبة المتغيرات المستقبلية. من خلال تطوير البنية التحتية الرقمية، والتدريب على استخدام أدوات التكنولوجيا، يمكن تحسين جودة الخدمات المقدمة.
كما أن هذه الجهود تُظهر أن التكنولوجيا ليست مجرد وسيلة مساعدة، بل هي مفتاح لبناء أنظمة حماية اجتماعية ذكية تُحقق العدالة والشفافية في عمليات التوزيع.
الدور الجوهري للمعلمين: حماية وتحفيز
أكد الأمير على أهمية دور المعلمين وأولياء الأمور في دعم التعليم، خاصة خلال الأزمات. من خلال تدريبات متخصصة، ودعم مادي وروحي، يمكن تعزيز قدراتهم على التكيف مع التحديات.
هذا الدور الجوهري لا يُقدر بثمن، إذ يُشكل حجر الأساس في بناء جيل قادر على مواجهة التحديات و достиж نجاحات مستقبلية.