أكد عضو مجلس الشيوخ الدكتور ياسر الهضيبي أن كليات التربية في مصر تمر بمرحلة حساسة، حيث تتفاعل أزمات هيكلية متعددة تهدد جودة التعليم وتفقد المعلمين مكانتهم النسبية. وحذّر من تفاقم هذه الوضعية إذا لم تُتخذ إجراءات جذرية لتطوير هذه المؤسسات، التي تُعتبر الحاضنة الأساس لصناعة المعلم، العنصر الأساسي في أي تغيير تعليمي فعّال.
مظاهر الخلل في الأداء
خلصت الدراسة التي ناقشها مجلس الشيوخ إلى اكتشاف عدد من الثغرات المُهمة في كليات التربية. أبرزها التفاوت الكبير بين المقررات الدراسية والمتطلبات الميدانية في سوق العمل، بالإضافة إلى قلة التكامل بين الجانبين النظري والتطبيقي. كما أشارت إلى ضعف التدريب العملي داخل المدارس، وغياب برامج تطويرية مستدامة للمعلمين، ما يدفع إلى تراجع جودة الخريجين وتأثيرهم في العملية التعليمية.
مطالب إصلاحية محددة
أوضح الهضيبي أن تطوير التعليم يحتاج إلى تغيير جذري في مناهج كليات التربية، بحيث تصبح مركزًا للابتكار وتحقيق التوازن بين المعرفة النظرية والمهارات العملية. وطالب بتأسيس وحدات للابتكار التربوي داخل هذه الكليات، تُحدث المناهج بشكل دوري وفق أحدث المعايير العالمية. كما دعا إلى إنشاء مدارس تطبيقية مُدارة بالتعاون بين الكليات ومديريات التعليم، لتقديم تجربة تدريبية حقيقية للطلاب.
الرخصة الوطنية والتحول الرقمي
اقترح الهضيبي اعتماد رخصة قومية لممارسة مهنة التعليم، لا تُمنح إلا بعد اجتياز اختبارات تقيس الكفاءة المهنية. وأبرز أهمية إنشاء قاعدة بيانات موحدة للمعلمين، تُراقب تطورهم المهني وتحفيزهم على التعلم المستمر عبر برامج معتمدة. كما أكد على ضرورة دمج التكنولوجيا ومهارات القرن الحادي والعشرين في المناهج، لمواكبة التحول الرقمي وبيئة التعلم الهجين.
التكامل بين الوزارات والرؤية المستقبلية
أشار إلى ضرورة تطوير سياسات تُعزز التنسيق بين وزارات التعليم والتعليم العالي، والعمل على توحيد معايير التقييم. وشدد على أن إصلاح كليات التربية هو المفتاح لبناء منظومة تعليمية قادرة على إحداث تغيير إيجابي في مستقبل الأجيال، مؤكدًا أن “معركة تطوير التعليم تبدأ من المعلم وتنتهي به”.